الهيئة الأوروبية للمراكز الإسلامية

صفة إستشارية لدى الأمم المتحدة
إطلاق تجريبي
2021-02-13

الافتتاحية بسم الله الرحمن الرحيم


        مَنح الله تبارك وتعالى الكثير من العطايا والمواهب لعباده، يهبها لهم في كل حين.. يمحو بها الخطايا ويكفر بها السيئات و يرفع الدرجات، فقد شرع الله تعالى لنا شهراً نصوم فيه، وشهراً نحج فيه، وغير ذلك من أنواع العبادات المتنوعة، كل ذلك تنويعاً لسبل الخير والطاعات.. حتى لا يَمل الإنسان ولا يَكل، وتلك نعمة من نعم الله تعالى علينا؛ يقول قتادة رحمه الله إن الله اصطفى من الملائكة رسلاً، ومن الناس رسولاً، ومن الكلام ذكره، ومن الأرض المساجد، ومن الشهور رمضان والأشهر الحرم، ومن الأيام يوم الجمعة، ومن الليالي ليلة القدر، فعظموا ما عظم الله، فإنما تعظم الأمور بما عظمها الله عند أهل الفهم والعقل).


         و من الشهور المعظمة عند الله تعالى شهر رجب، فهو من الأشهر الحُرُم التي ميّزها الله وجعل لها زيادة فضل، قال الله تعالى فيها { إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ } وسميت بالأشهر الحُرُم لعظم حرمتها، وحرمة الذنب فيها (فلا تظلموا فيهن أنفسكم )؛ قال الطبري: الظلم  العمل بمعاصي الله ، والترك لطاعته“.

       و من الأيام التي ارتبطت بشهر رجب عند كثير من المؤرخين“الإسراء والمعراج“،رغم انه لم يثبت شيء في أن ليلة الإسراء والمعراج هي ليلة السابع والعشرين من رجب، غير أن هذا القول اُشتهر وأصبح معروفاً عند المسلمين منذ قرون ،وقال به بعض الأئمة واختاره الإمام النووي في فتاواه،مع التأكيد انه لا يترتب على ذلك عمل أو عبادة، إنما الاحتفال بهذه الليلة المقصود به تدارس هذا الحدث العظيم_والذي هو محل إجماع الأمة _ لِمَا له من أثر في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وأنه جاء بعد عام الحزن، أراد الله سبحانه وتعالى أن يكرِّم رسوله صلى الله عليه وسلم بعد أن أعرضت عنه قريش و حلفاؤها،ولقي منهم ما لقي،وأعرض عنه الناس في الأرض وبعد هذا أراد الله أن يكرِّمه فيصلي بالأنبياء إماماً وتستقبله الملائكة ويستقبله النبيون في السماوات ويعرج به إلى السماوات العلا، و هو حدث مملوء بالدروس والعبر عند أهل الفهم والعقل؛ 

خصوصاً أن الإسراء والمعراج يتميز بأمرين اثنين:

  • الأمر الأول: هو أنه مرتبط بالمسجد الأقصى منتهى الإسراء ومبتدأ المعراج، ونحن في حاجة إلى أن نذكر المسلمين وفي أيامنا هذه بالمسجد الأقصى الأسير (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).
  • و الأمر الثاني: القضية الأولى و المركزية بالنسبة للمسلمين في عصرنا هذا، قضية فلسطين و لُبُّها وجوهرها القدس، ولُبُّ القدس وجوهره المسجد الأقصى، فالناس مشغولون عن هذه القضية، فنحن ننتهز هذه الفرصة ونُذَكِّر النّاس بفلسطين و بالمسجد الأقصى المبارك، سواء من جانبها العقدي بما ثبت بنصوص قطعية(سورة الإسراء، سورة النجم) أو التاريخي بشقيه الإسلامي و المسيحي، وقد أجرينا في هذا السياق حوارين اثنين مع كل من الشيخ يوسف أبو سنينة إمام و خطيب المسجد  الأقصى و سيادة المطران عطا الله حنا رئيس أساقفة سبيسطية للروم الأرثوذكس ( القدس )،أو جانبها الثقافي و التراثي، ناهيك عن حقيقة شَعب محاصر و أرض مغتصبة ،قضيته مازالت في أروقة الأمم المتحدة و الوعود الكاذبة، بُرهانها مساجد و كنائس يعتدى عليها، و ألاف التلاميذ بدون مدارس، وملايين اللاجئين مبعثرين في بقاع الأرض؛و هم ينتمون أصلا إلى موطن أو أرض الأنبياء و الرسل، مصدر العدل و الكرامة والأخوة الإنسانية والتعايش والسلام، و لعل احتفالنا في السنة القادمة بالإسراء والمعراج يكون في المسجد الأقصى قبلة المسلمين الأولى و مسرى نبينا محمد صلى الله عليه و سلم، نرافع من فلسطين عن كل المظلومين في العالم لإسعاد البشرية  و تحقيق مبادئ الأخوة الإنسانية .